لماذا نشعر بالوحدة؟ وكيف يمكن أن تؤثر على أجسادنا؟

نحتاج جميعًا إلى التواصل والتفاعل الإجتماعي من حينٍ لآخر، حتى وإن شعرنا بأننا عادةً ما نفضل العزلة. فندرة أو إنعدام التواصل يخلق شعور الوحدة الذي يحمل تأثيرًا بالغًا على صحتنا العقلية والجسدية.

في هذه المقالة سنشرح ماهية الوحدة وأسبابها الرئيسية. سنتعمق بعد ذلك إلى مدى تأثيرها عليك مع ذكر عدة طرق لمواجهتها والتعامل معها.

 ما هي الوحدة؟

يشعر الكثير منا بالوحدة، لكن لا يعرف كيف يصف ذلك تحديدًا. فما هو التعريف السليم للوحدة؟
الوحدة هي حالة ذهنية تخلق شعور سلبي تشعر به عندما لا تتم تلبية احتياجاتك الاجتماعية. يمكن أن يتسبب هذا الشعور بالحزن والفراغ أو الاستنزاف أو حتى الانفصال التام عن المحيط وإن كان يعج بالناس!

لماذا نشعر بالوحدة؟

 كما ذكرنا أن بعض الناس تحب البقاء بمفردها من وقت لآخر. هناك آخرون يفضلون ألا يكونوا وحدهم أبدًا. ومع ذلك، إذا تم عزلنا لفترة طويلة، يمكن أن يتحول ذلك إلى الشعور بالوحدة. لماذا يحدث هذا؟

بنفس الطريقة التي يدفع بها الجوع والعطش الناس للبحث عن الطعام والماء، تدفع الوحدة الناس للبحث عن الرفقة لأنها جزء من غريزة الإنسان للبقاء. لذلك فإن الوحدة شعور طبيعي جدًا! وليس مرض نفسي أو نقص كما يدعي البعض.

ومثلما أن الجوع لفترة طويلة أمر غير صحي لأجسامنا، فإن فترات الوحدة الطويلة غير صحية أيضًا لعقولنا وقلوبنا وأجسادنا!

ما هي آثار الوحدة على أجسادنا؟

تؤدي الوحدة إلى تآكل أجسامنا، كما يؤدي الماء إلى تآكل الصخور -ببطء وثبات-، الدراسات العلمية تؤكد أن الوحدة تُرهق الجسد وتقلل من قدرته على الإسترخاء. تجعلنا الوحدة أيضًا نتفاعل بشكل أكثر سلبية. أفادت الدراسات أن الشباب المعزولين اجتماعياً شعروا أن أيامهم كانت أكثر إرهاقاً، مقارنةً بالشباب الذين تفاعلوا مع أقرانهم.

تزيد الوحدة من مستويات التوتر

كثيرًا ما تُرى علامات الإجهاد والتوتر على الأشخاص الوحيدين.عندما يكون الناس متوترين، فإن أجسامهم تفرز هرمونات التوتر وهي الكورتيزول والأدرينالين. لتساعد في إبقاء الجسم في حالة تأهب عند مواجهة تهديد قصير المدى. لكن عندما يتم تنشيط هذه الهرمونات لفترة طويلة من الزمن. في هذه المرحلة، يصعب على الجسم التعامل معها.

أظهر الأشخاص الوحيدين نتائج إيجابية لجزيئات هرمون التوتر في لعابهم وبولهم، مما يعني أن أجسامهم كانت تنتج كميات وفيرة منه. هذه المستويات المتزايدة من التوتر تدفع الناس إلى التصرف بطرق مدمرة للذات. يتضمن ذلك التخلص من عاداتهم الصحية، مثل ممارسة الرياضة، وتعطيل روتينهم ودورات نومهم، وحتى الابتعاد عن الطعام الصحي للاستمتاع بتناول الوجبات الدسمة.

 الشعور بالوحدة يجهد القلب

تؤدي الوحدة عن الشخص إلى ارتفاع ضغط الدم عنده. حيث تنقبض الشرايين وتصبح ضيقة، مما يعيق تدفق الدم. وهذا يجبر القلب على بذل المزيد من الجهد لضخ الدم، مما يثقل عضلات القلب ويجهدها.

الوحدة تضعف جهاز المناعة

لوحظ أيضًا حسب الدراسات أن الأشخاص الوحيدين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، لأن الجينات التي تتواصل مع جزيئات الإشارات، والتي بدورها تساعد في توجيه الجهاز المناعي في معركته التي لا تنتهي مع الجراثيم، لا تعمل كما ينبغي.
يُعتقد أن الأشخاص المعزولين أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية بسبب الخسائر التي تلحقها وحدتهم بأجهزتهم المناعية.

تؤثر الوحدة على صحة النوم

يلعب النوم دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة الجسم. وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الوحيدين أو المنعزلين اجتماعيًا قد عانوا من دورات نوم غير منتظمة، بالإضافة إلى نوم متقطع، يستيقظون خلاله باستمرار طوال الليل. هذا النوع من النوم يؤثر على عملية التمثيل الغذائي في الجسم، مما يؤدي إلى حدوث خلل في دورات الهرمونات. ومع ذلك، إن معظم الدراسات التي أبلغت عن مثل هذه النتائج أجريت على كبار السن.

كيفية التعامل مع الشعور بالوحدة

لا تقلق إذا لاحظت أحد التأثيرات المذكورة أعلاه في نفسك. هناك العديد من الطرق للتعامل مع الوحدة وتصحيح آثارها السلبية.

حاول أن تتفاعل أكثر مع الآخرين. أو ابدأ هواية جديدة ربما؟ قد يؤدي الانخراط في بعض الأعمال التطوعية أيضًا إلى قطع شوط طويل. إذا لم تكن مهتمًا بأي من هذه الأشياء، فقد يكون الانضمام إلى مجموعة دعم خيارًا جيدًا!

تساعد ممارسة الرياضة بشكل عام ومع الأصدقاء خصوصًا على التخلص من التوتر. فهي بذلك تعتبر نشاط جسدي إلى جانب ترفيه لكونك مع أناس مقربين إليك.

أما إن شعرت بإنعدام رغبتك تمامًا في النشاطات التي ذكرناها. فإن التحدث إلى طبيب أو أخصائي رعاية صحية معتمد سيكون أنسب خطوة للتغلب على ما تشعر به.

وأخيرًا، لا تخافوا من الوحدة. إنه أمر طبيعي تمامًا مثل الجوع والعطش أو الخوف والألم. كل هذه المشاعر تحفزنا على الانخراط في سلوكيات مفيدة تطوريًا. الأهم من ذلك، يجب ألا تدع الوحدة تصل إلى النقطة التي تبدأ فيها بتدهور جسدك.

المصادر: 1، 2

تعليقات